روى البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم عن معقل بن يسار: أنه زوّج أخته رجلا من المسلمين، فكانت عنده، ثم طلّقها تطليقة، ولم يراجعها، حتى انقضت العدّة، فهويها وهويته، فخطبها مع الخطّاب، فقال له: يا لكع (١)، أكرمتك بها، وزوجتكها، فطلقتها؟! والله لا ترجع إليك أبدا، فعلم الله حاجته إليها، وحاجتها إليه، فأنزل الله:{وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ} إلى قوله:
{وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، فلما سمعها معقل، قال: سمعا لربّي وطاعة، ثم دعاه، وقال: أزواجك، وأكرمك، فزوجها إياه.
التفسير والبيان:
إذا طلقتم النساء، وقار بن إتمام العدّة، فعليكم أحد أمرين: إما إمساك المرأة بالمعروف (أي بالمراجعة دون إيذاء)، أو إخلاء سبيلها بالمعروف (أي الخلو من إلحاق ضرر بها). وفسّر بلوغ الأجل بقرب إتمام العدّة، لأن العدّة إذا انقضت لا تجوز مراجعتها، فهذا المعنى مضطر إليه، أما بلوغ الأجل في الآية التالية فهو الانتهاء، لأن المعنى يقتضي ذلك، فهو حقيقة في الثانية، مجاز في الأولى.
ثم أكّد منع الضرر، فقال: ولا تراجعوهنّ بقصد إلحاق الضرر بهنّ وإيذائهنّ بالحبس وتطويل العدّة، حتى يضطرن إلى الفدية ودفع المال لكم، فهذا اعتداء عليهن، ومن يفعل هذا الفعل الممنوع وهو الإمساك على سبيل الضرار والعدوان، فقد ظلم نفسه في الدنيا بإقلاق ضميره وفتح باب الشّر والعداء مع أسرة المرأة، وفي الآخرة بتعريض نفسه لعذاب الله وغضبه، بسبب تسلطه على الضعفاء، واستغلاله حاجة المرأة إلى الخلاص منه.