أسباب الراحة والخير زائلة عنهم في الدنيا والآخرة، فأموالهم الكثيرة إنما هي عذاب لهم في الدارين.
والآيات من [٤٢] وما بعد هذه الآية إلى الآية [٥٩] كلها في المنافقين، ثم جاءت آية مصارف الزكاة.
التفسير والبيان:
قل أيها النبي للمنافقين: مهما أنفقتم من نفقة في سبيل الله ووجوه البر طائعين أو مكرهين، لن يتقبل منكم؛ لأنكم كفرتم بالله ورسوله، وما زلتم في شك مما جاء به الرسول من الدين والجزاء على الأعمال في الآخرة، ولأنكم قوم فاسقون أي عتاة متمردون خارجون عن الإيمان، والأعمال إنما تصح بالإيمان، {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة ٢٧/ ٥] وقوله: {إِنَّكُمْ كُنْتُمْ.}. تعليل لرد إنفاقهم وعدم القبول منهم في الدنيا والآخرة: وهو أن عدم القبول معلل بكونهم فاسقين، أي كافرين.
وقوله:{طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} معناه: طائعين من غير إلزام من الله ورسوله، أو ملزمين، أو طائعين من غير إكراه من رؤسائكم؛ لأن رؤساء أهل النفاق كانوا يحملون على الإنفاق، لما يرون من المصلحة فيه، أو مكرهين من جهتهم.
وعدم القبول غير معلل بعموم كونه فسقا، بل بخصوص وصفه: وهو كون ذلك الفسق كفرا، لذا صرح الله تعالى في الآية التالية بذلك فقال:
{وَما مَنَعَهُمْ..}. أي وما منع قبول نفقاتهم إلا مجموع هذه الأمور الثلاثة: وهي الكفر بالله ورسوله، وعدم الإتيان بالصلاة إلا في حال الكسل، والإنفاق على سبيل الكراهية.