{وَيْلٌ} خزي وعذاب شديد، ويراد به الندم والتقبيح. {هُمَزَةٍ} مغتاب طعّان في أعراض الناس وكراماتهم. {لُمَزَةٍ} عيّاب يعيب عادة بالحاجب أو العين أو اليد أو الرأس تحقيرا للناس وترفعا عليهم. {عَدَّدَهُ} عدّه مرة بعد أخرى تلذذا به، أو جعله عدّة للنوازل وحوادث الدهر.
{يَحْسَبُ} يظن لجهله. {أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ} جعله خالدا في الدنيا، لا يموت. {كَلاّ} ردع وزجر. {لَيُنْبَذَنَّ} ليطرحنّ وليرمين بإهانة وتحقير، وهو جواب قسم محذوف. {فِي الْحُطَمَةِ} نار جهنم، سميت لذلك؛ لأنها تحطم كل ما ألقي فيها، من الحطم: وهو الكسر.
{الْمُوقَدَةُ} المسعّرة. {تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} تعلو أوساط القلوب، وتحيط بها، وخصت الأفئدة بالذكر؛ لأنها محل العقائد الزائغة ومنشأ الأعمال الفاسدة القبيحة. {مُؤْصَدَةٌ} مطبقة مغلقة عليهم، من أوصدت الباب: إذا أغلقته. {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} في أعمدة طويلة، فتكون النار داخل العمد، جمع عمود.
التفسير والبيان:
{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} أي خزي وعذاب شديد لكل من يغتاب الناس ويطعن بهم أو يعيبهم في حضورهم، قال مقاتل: إن الهمزة: الذي يغتاب بالغيبة، واللمزة: الذي يغتاب في الوجه. وقال ابن عباس:{هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} طعان معياب.
ثم ذكر أوصافا أخرى له:
{الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ} أي أن ذلك الهمزة اللمزة الذي يزدري الناس ويحتقرهم ويترفع عليهم بسبب إعجابه بما جمع من المال وأحصاه، وظن أن له به الفضل على غيره، كقوله تعالى:{جَمَعَ فَأَوْعى}[المعارج ١٨/ ٧٠].
{يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ} أي يظن أن ماله يضمن له الخلود ويتركه حيّا مخلدا لا يموت؛ لشدة إعجابه بما يجمعه من المال، فلا يعود يفكر بما بعد الموت.