{وَاللهُ خَلَقَكُمْ} ولم تكونوا شيئا. {ثُمَّ يَتَوَفّاكُمْ} عند انقضاء آجالكم. {أَرْذَلِ الْعُمُرِ} أردؤه وأخسه، بسبب الهرم والخرف، قال عكرمة: من قرأ القرآن لم يصر بهذه الحالة. {عَلِيمٌ} بتدبير خلقه. {قَدِيرٌ} على ما يريده.
{وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} أي فاوت بين أرزاقكم، فمنكم غني وفقير ومالك ومملوك. {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا} الأغنياء والأسياد {بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ} أي بمعطي رزقهم من الأموال وغيرها لمماليكهم، وجاعليها شركة بينهم وبين مماليكهم. {فَهُمْ} أي المماليك والأسياد (الموالي){فِيهِ سَواءٌ} شركاء. والمعنى: ليس لهم شركاء من مماليكهم في أموالهم، فكيف يجعلون بعض مماليك الله شركاء له. {يَجْحَدُونَ} يكفرون حيث يجعلون له شركاء. وقرئ «تجحدون».
{وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً} أي جعلها لكم من جنسكم لتأنسوا بها، ولتكون أولادكم مثلكم. {وَحَفَدَةً} أي أولاد الأولاد جمع حفيد. {مِنَ الطَّيِّباتِ} من أنواع الثمار والحبوب والحيوان ونحوها من اللذائذ أو من الحلالات. ومن للتبعيض، فإن المرزوق في الدنيا أنموذج من الطيبات. {أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ} أي بالأصنام. {وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} حيث أضافوا نعمه إلى الأصنام، بإشراكهم، أو حرموا ما أحلّ الله لهم. وتقديم الصلة على الفعل إما للاهتمام بها، أو للتخصيص مبالغة، أو للمحافظة على فواصل الآيات بالسجع.
{وَلا يَسْتَطِيعُونَ} ولا يقدرون على شيء، وهم الأصنام. {فَلا تَضْرِبُوا لِلّهِ الْأَمْثالَ} لا تجعلوا لله أشباها أو أمثالا تشركونهم به، أو تقيسونهم عليه، فإن ضرب المثل تشبيه حال بحال. {إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ} ألا مثل له، وفساد القياس الذي تقيسونه. {وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ذلك، ولو علمتم لما جرأتم عليه. وهو تعليل للنهي. أو أنه يعلم كنه الأشياء، وأنتم لا تعلمونه، فدعوا رأيكم دون نصه.
المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى عجائب أحوال الحيوانات، ذكر بعده بعض عجائب أحوال الناس، فذكر مراتب عمر الإنسان وهي أربعة: سن النشوء والنماء (الطفولة) وسن الشباب، وسن الكهولة، وسن الشيخوخة، وذلك دليل على كمال قدرة الله ووحدانيته.