للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنّح، وقرئ: «في المجلس»، والمراد به الجنس. {يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ} يوسع الله لكم في رحمته، من المكان والصدر والرزق والجنة وغيرها. {اُنْشُزُوا} انهضوا للتوسعة على القادمين، أو ارتفعوا في المجلس، أي تنحوا من الموضع، ويقال: امرأة ناشز، أي منتحية عن زوجها. {فَانْشُزُوا} فانهضوا دون تباطؤ. {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} يعلي منزلتهم بالنصر وحسن السمعة في الدنيا، والإيواء في غرف الجنان في الآخرة. {وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ} أي ويرفع العلماء منهم خاصة درجات في الكرامة وعلوّ المنزلة، لجمعهم بين العلم والعمل، فإن العلم مع علو درجته يقتضي العمل المقرون به زيادة رفعة،

جاء في الحديث: «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» (١). {وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} أي عالم مطلع على جميع أعمالكم، وهو تهديد لمن لم يمتثل الأمر.

سبب النزول:

أخرج ابن جرير الطبري عن قتادة قال: كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلا، ضنّوا بمجلسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ:}

{تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ} الآية.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل: أنها نزلت يوم الجمعة، وقد جاء ناس من أهل بدر، وفي المكان ضيق، فلم يفسح لهم، فقاموا على أرجلهم، فأقام صلى الله عليه وسلم نفرا بعدتهم وأجلسهم مكانهم، فكره أولئك النفر ذلك، فنزلت.

المناسبة:

بعد أن نهى الله تعالى المؤمنين عن التناجي سرا في المجتمعات، والتناجي بالإثم والعدوان، لكونه سبب التباغض والتنافر، أمرهم تعالى بما يكون سببا لزيادة المحبة والمودة من التوسع في المجالس، والانصراف عنها عند الطلب لمصلحة ما، ثم أخبر عن رفع منازل المؤمنين والعلماء درجات في الجنان وفي الدنيا أيضا.


(١) رواه أبو نعيم في الحلية عن معاذ، وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>