دلت الآيات على كفر كل فرق وطوائف ومذاهب النصارى، سواء قالوا:
إن المسيح ثالث ثلاثة، أو إن المسيح ابن الله، أو إن الله هو المسيح عيسى ابن مريم؛ لأنهم في النتيجة يقولون: أب وابن وروح القدس إله واحد، ولا يقولون: ثلاثة آلهة، وهو معنى قولهم جميعا، وإنما يمتنعون من عبارة التثليث ولا يصرحون بها لفظا، وهي لازمة لقولهم؛ لأنهم يقولون: إن الابن إله، والأب إله، وروح القدس إله.
فرد الله عليهم بأن الإله لا يتعدد، وإن لم يكفوا عن القول بالتثليث ليمسنهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة، فليتوبوا إليه، وليسألوه ستر ذنوبهم. والمراد الكفرة منهم؛ لأنهم القائلون بالتعدد، دون المؤمنين.
وما المسيح في حقيقته، وإن ظهرت المعجزات أو الآيات على يديه، كما جاءت بها بقية الرسل، إلا عبد الله ورسول من عنده، فإن كان إلها فليكن كل رسول إلها. وهذا رد قاطع لقولهم واحتجاج عليهم.
ومن تتمة الحجة أن المسيح وأمه الصديقة كانا يأكلان الطعام، أي أنه مولود مربوب، ومن ولدته النساء، وكان يأكل الطعام مخلوق محدث كسائر المخلوقين، فمتى يصلح المربوب أن يكون ربا؟! وفي هذا دلالة على أنهما بشران.
وقولهم: كان يأكل الطعام بناسوته «البشري» لا بلاهوته، أي أن له طبيعتين: بشرية وإلهية، فهذا منهم اختلاط إله بغير إله، ولو جاز اختلاط القديم بالمحدث، لجاز أن يصير القديم محدثا، ولو صح هذا في حق عيسى لصح في حق غيره، حتى يقال: اللاهوت مخالط لكل محدث.
وعقب الله تعالى على اعتقاد النصارى: انظر كيف نبين لهم الدلالات على