للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسعود «أنه قرأ سورة النساء على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى بلغ قوله: {وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً}، فبكى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: حسبنا». وهذه الشهادة معناها: عرض أعمال الأمم على أنبيائهم.

ونظير هذه الآية قوله تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ، وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [البقرة ١٤٣/ ٢] أي إن هذه الأمة بحسن سيرتها وكونها خاتمة أمم الوحي تكون شهيدة على الأمم السابقة، وحجة عليها في انحرافها عن هدي المرسلين، والرسول صلّى الله عليه وسلّم بسيرته واستقامته يكون حجة على من ترك سننه.

يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول أي يتمنون لو يدفنون، فتسوى بهم الأرض، كما تسوى بالموتى، وقيل: يودون أنهم لم يبعثوا وأنهم كانوا والأرض سواء، كما قال تعالى: {وَيَقُولُ الْكافِرُ: يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً} [النبأ ٤٠/ ٧٨].

وهم لا يقدرون على كتمان كلام عن الله؛ لأن جوارحهم تشهد عليهم، وقيل: الواو للحال، أي يودون أن يدفنوا تحت الأرض، وأنهم لا يكتمون الله حديثا، ولا يكذبون في قولهم: {وَاللهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام ٢٣/ ٦]؛ لأنهم إذا قالوا ذلك، وجحدوا شركهم، ختم الله على أفواههم عندئذ، وتكلمت أيديهم وأرجلهم بتكذيبهم والشهادة عليهم بالشرك، فلشدة الأمر عليهم يتمنون الدفن تحت التراب.

فقه الحياة أو الأحكام:

أرشدت الآيات إلى ما يأتي:

١ - اتصاف الله بكل كمال، وتنزهه عن كل نقصان: فلا يبخس الناس ولا بنقصهم من ثواب أعمالهم وزن ذرة، بل يجازيهم بها ويثيبهم عليها، والمراد من

<<  <  ج: ص:  >  >>