{لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} هذه القراءة بالتاء، ويكون {الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} منصوبا على أنه مفعول أول، وحذف المفعول الثاني لدلالة ما بعده عليه وهو قوله {بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ} ويكون قوله: {فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ} بدلا من {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} والفاء زائدة، فلا تمنع البدل، وهذا على هذه القراءة وعلى قراءة من قرأ بالياء.
ومن قرأ:(يحسبن) بالياء جعل {الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} في موضع رفع فاعل، و {الَّذِينَ}: اسم موصول، و {يَفْرَحُونَ}: صلته، و «هم» من قوله: {فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ} المفعول الأول. و {بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ}: في موضع المفعول الثاني، وتقديره: فائزين. ومن قرأ الأول بالياء والثاني بالتاء فلا يجوز فيه البدل لاختلاف فاعليهما، ولكن يكون مفعولا الأول قد حذفا لدلالة مفعولي الثاني عليهما.
البلاغة:
{فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} توجد استعارة في النبذ والاشتراء، إذ شبه عدم التمسك بالميثاق بالشيء المنبوذ الملقى، وشبه العمل بالبديل باشتراء عوض قليل من أموال الدنيا، مقابل كتم آيات الله.
وتوجد مقابلة بين {لَتُبَيِّنُنَّهُ} و {وَلا تَكْتُمُونَهُ}.
المفردات اللغوية:
{وَإِذْ} اذكر إذ أخذ {مِيثاقَ} الميثاق: العهد المؤكد، وهو العهد المأخوذ عليهم في التوراة بواسطة الأنبياء. {أُوتُوا الْكِتابَ} هم اليهود والنصارى. {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ} لتظهرن جميع ما فيه من الأحكام والأخبار بما فيها خبر نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم، حتى يعرفه الناس على وجهه الصحيح. {وَلا تَكْتُمُونَهُ} أي لا تخفون الكتاب. {فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ} طرحوا الميثاق ولم يعتدّوا به.
{وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} أخذوا بدله من الدنيا عوضا حقيرا، بسبب رياستهم في العلم، فكتموه. {فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ} شراؤهم هذا.