للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسلّم الأموال إلى اليتامى حين بلوغهم سن الرشد، لذا قال تعالى: {حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} أي لا تقربوا مال اليتيم حتى يبلغ مبلغ الرجال في الحنكة والقوة واكتمال الملكات والمدارك العقلية، وذلك كما قال الشعبي ومالك وجماعة من السلف: حتى يحتلم، والاحتلام يكون عادة بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة:

{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ} [النساء ٦/ ٤]. والمراد من الآية:

حفظ‍ مال اليتيم وعدم تبذيره أو إضاعته حتى البلوغ.

٧ و ٨ - إيفاء الكيل والميزان بالقسط‍:

{وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ‍} أي أتموا الكيل إذا كلتم للناس، ولا تزيدوا فيه إذا اكتلتم لأنفسكم، وأتموا الميزان إذا وزنتم لأنفسكم فيما تشترون أو لغيركم فيما تبيعون، فلا يكون فيه زيادة ولا نقص، وإنما تمام بالعدل، من غير تطفيف، كما قال تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ١ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين ١/ ٨٣ - ٣] أي أن إيفاء الحق يكون في الحالتين: البيع والشراء. وقوله: {بِالْقِسْطِ‍} يوجب تحري العدل حال البيع والشراء بقدر المستطاع، لذا قال:

{لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها} أي لا يكلف الله نفسا إلا ما يسعها فعله، بأن تأتيه بلا عسر ولا حرج أي بقدر الطاقة والجهد، فإذا أخطأ الشخص بدون قصد فلا مؤاخذة،

روى ابن مردويه عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الآية: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ‍، لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها}: «من أوفى على يده في الكيل والميزان، والله يعلم صحة نيته بالوفاء فيهما، لم يؤاخذ، وذلك تأويل: وسعها» وهو حديث مرسل غريب.


(١) التطفيف: البخس في الكيل والميزان، إما بالازدياد إن اقتضى من الناس، وإما بالنقصان إن قضاهم، كما هو مفسر في تتمة الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>