للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَسَّتْهُمُ} جملة مستأنفة مبينة ما قبلها {الْبَأْساءُ}: شدة الفقر، وكل ما يصيب الإنسان في غير ذاته، كأخذ المال، والطرد من الديار، وتهديد الأمن، ومقاومة نشاط‍ الدعوة إلى الله {الضَّرّاءُ} المرض، وكل ما يصيب الإنسان في نفسه، كالجرح والقتل {وَزُلْزِلُوا} أزعجوا بأنواع البلايا، والزلزال: الاضطراب في الأمر. {مَتى نَصْرُ اللهِ} أي متى يقع نصر الله، و {قَرِيبٌ} خبر إن، وقريب: لا تثنّيه العرب ولا تجمعه ولا تؤنثه في هذا المعنى، قال الله عز وجل: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف ٥٦/ ٧].

سبب النزول:

نزول الآية (٢١٤):

قال قتادة والسّدّي: نزلت هذه الآية في غزوة الخندق (الأحزاب) حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والشدة، والحر والبرد، وسوء العيش، وأنواع الأذى، وكان كما قال الله تعالى: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ} [الأحزاب ١٠/ ٣٣] {وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً} [الأحزاب ١١/ ٣٣]. أما المنافقون فقالوا: {ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً} [الأحزاب ١٢/ ٣٣] وقال صادقو الإيمان: {هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ، وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَما زادَهُمْ إِلاّ إِيماناً وَتَسْلِيماً} [الأحزاب ٢٢/ ٣٣].

وقال عطاء: لما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه المدينة، اشتد الضر عليهم، بأنهم خرجوا بلا مال، وتركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين، وآثروا رضا الله ورسوله، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأسرّ قوم من الأغنياء النفاق، فأنزل الله تعالى تطييبا لقلوبهم: {أَمْ حَسِبْتُمْ}.

المناسبة:

أمر الله تعالى في الآية السابقة المؤمنين أن يدخلوا في السلم كافة ويأخذوا الإسلام بجملته، دون تجزئة أو خلط‍ بينه وبين غيره، وأبان في هاتين الآيتين مدى الحاجة إلى الرسل، وأن الاهتداء بهديهم ضروري للبشر، وأن من آمن

<<  <  ج: ص:  >  >>