أَلِيماً} وقد تخلف عنه ناس في البدو يفقهون قومهم، فقال المنافقون: قد بقي ناس في البوادي، هلك أصحاب البوادي، فنزلت:{وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً}.
وأخرج ابن أبي حاتم أيضا عن عبد الله بن عبيد الله بن عمير قال: كان المؤمنون، لحرصهم على الجهاد، إذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم سرية، خرجوا فيها، وتركوا النبي صلى الله عليه وسلّم بالمدينة في رقة من الناس، فنزلت.
قال ابن عباس: لما شدّد الله على المتخلفين قالوا: لا يتخلف منا أحد عن جيش أو سرية أبدا، ففعلوا ذلك، وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلّم وحده، فنزل:
{وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ} الآية.
وقال ابن عباس أيضا: فهذه مخصوصة بالسرايا، والتي قبلها بالنهي عن تخلف واحد، فيما إذا خرج النبي صلى الله عليه وسلّم.
المناسبة:
هذه الآية من بقية أحكام الجهاد، فهي لا توجب على جميع المؤمنين الجهاد إذا لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلّم إليه، وإنما أرسل سرية. وحينئذ يجب على المؤمنين طلب العلم والتفقه في الدين؛ لأن الجهاد يعتمد على العلم، ولأن نشر الإسلام في الأصل يتوقف على البيان بالحجة والبرهان.
التفسير والبيان:
هذا بيان لمراده تعالى من نفير الأحياء كلهم، فتكون فئة منهم للتفقه وفئة أخرى للجهاد، فإنه فرض كفاية على الناس، كما أن طلب العلم فرض كفاية أيضا.
فما كان من شأن المؤمنين أن ينفروا جميعا، ويتركوا النبي صلى الله عليه وسلّم وحده، فإن