ويتناجون أو يتحدثون به فيما بينهم من المطاعن في الدين، وأنه أعلم بضمائرهم، فإنهم إن قالوا: ليتصدقن بشيء من أموالهم، فإن الله أعلم بهم من أنفسهم، وأنه علام الغيوب، يعلم كل غيب وشهادة، وكل سرّ ونجوى، ويعلم ما ظهر وما بطن، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، يعلم الله كل ذلك وما أسروه من النفاق والعزم على إخلاف ما وعدوه، فكيف يكذبون على الله فيما يعاهدونه به، وعلى الناس فيما يحلفون عليه باسمه؟! والفرق بين السرّ والنجوى والغيب: أن السر: ما ينطوي عليه صدورهم، والنجوى: ما يتحدث به الناس فيما بينهم. والغيب: ما كان غائبا عن الخلق.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على الأحكام التالية:
١ - المعاهدة مع الله توجب الوفاء بالعهد، وهل من شرط المعاهدة التلفظ بها باللسان أو لا حاجة إلى التلفظ، وإنما تكفي النية في القلب؟ خلاف بين العلماء، قال المالكية: العهد والطلاق وكل حكم ينفرد به المرء، ولا يفتقر إلى غيره فيه، فإنه يلزمه منه ما يلتزمه بقصده، وإن لم يتلفظ به. سئل مالك: إذا نوى الرجل الطلاق بقلبه ولم يلفظ به بلسانه، فقال: يلزمه؛ كما يكون مؤمنا بقلبه، وكافرا بقلبه. وروي عنه غير ذلك كما سيأتي.
وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يلزم أحدا حكم إلا بعد أن يلفظ به، وذلك يشمل النذور والأيمان والطلاق ونحوها. ودليلهم
ما رواه مسلم والترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: «إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم به» قال ابن عبد البر: هذا هو الأشهر عن مالك، وقال القرطبي: وهذا هو الأصح في النظر وطريق الأثر؛
لقول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة:«إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها، ما لم تتكلم به أو تعمل به».