للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الحق. {فَذَرْهُمْ} اترك كفار مكة، ودعهم. {فِي غَمْرَتِهِمْ} في ضلالتهم وجهالتهم، شبهها بالماء الذي يغمر القامة؛ لأنهم مغمورون فيها. {حَتّى حِينٍ} إلى حين موتهم أو قتلهم. {أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ} أن ما نعطيهم ونجعله مددا لهم. {مِنْ مالٍ وَبَنِينَ} في الدنيا.

{نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ} نعجل لهم به، وهو خبر أن، والراجع ضمير محذوف، والمعنى:

أيحسبون أن الذي نمدهم به نسارع لهم به فيما فيه خيرهم وإكرامهم. {بَلْ لا يَشْعُرُونَ} أن ذلك استدراج لهم، وإنما هم كالبهائم، لا فطنة عندهم ولا شعور ليتأملوا، فيعلموا أن ذلك الإمداد استدراج، لا مسارعة في الخير.

المناسبة:

بعد بيان قصص بعض الأنبياء المتقدمين، أوصى الله تعالى بجملة من المبادئ في الحياة هي الأكل من الحلال، والعمل بصالح الأعمال، وإدراك أن الملة واحدة وأن الدين الحق واحد، ولكن الأمم فرقت دينها شيعا، وهم في حيرة وعمى يظنون أن إفاضة النعم عليهم، لرضا الله عليهم، ولكنها في الحقيقة استدراج، لا مسارعة في الخيرات.

التفسير والبيان:

١ - {يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً، إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} هذا أمر من الله تعالى عباده المرسلين عليهم السلام بالأكل من الحلال، والقيام بصالح الأعمال، شكرا للنعمة. وهذا دليل على أن الحلال عون على العمل الصالح وسابق عليه، ثم ذكر تعالى علة هذا الأمر، فقال: {إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} أي إني مطلع على جميع أعمالكم، لا يخفى علي شيء منها، وأنا مجازيكم عليها.

ومن أمثلة الحلال أن عيسى عليه السلام كان يأكل من غزل أمه، وأن داود عليه السلام كان يأكل من كسب يده، كما ثبت في الصحيح، فيعمل الدروع المسردة (أي ذات الحلق من الحديد) بيده معجزة له وأمرا خارقا للعادة،

وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>