{وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} أي لا تتحمل نفس بريئة حمل نفس مذنبة آثمة أخرى، فقوله:
{تَزِرُ} تحمل، والوزر: الحمل الثقيل.
المناسبة:
لما بيّن الله تعالى في هذه السورة دلائل التوحيد، والرد على المشركين ونفاة القضاء والقدر، ختم الكلام بأن الدين القيّم والصراط المستقيم هو ملة إبراهيم القائمة على التوحيد وعبادة الله، ومسئولية كل شخص عن نفسه لا عن غيره، وأن الهداية لا تحصل إلا بالله، وأن الجزاء عند الله على الأعمال التي يقوم بها الإنسان، فهي دليل سعادته أو شقاوته.
التفسير والبيان:
يأمر الله تعالى نبيه صلّى الله عليه وسلّم سيد المرسلين أن يخبر بما أنعم الله عليه من الهداية إلى صراطه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف، وهو ملّة أبيه إبراهيم الخليل عليه السلام.
قل أيها الرسول للناس قاطبة ومنهم قومك: إن ربي أرشدني ووفقني إلى طريق مستقيم لا عوج فيه، وهو الدين القيّم المؤدي إلى سعادة الدنيا والآخرة، القائم بالحق، الثابت الأصول، وهو المراد في مناجاة الله تعالى:{اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ}.
وهو ملة إبراهيم الخليل، فالتزموه، لكونه كان مائلا عن جميع أنواع الشرك والضلالة إلى الدين الحق: دين التوحيد. كما قال تعالى:{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}[البقرة ١٣٠/ ٢] وقال: {إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً، قانِتاً لِلّهِ، حَنِيفاً، وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. شاكِراً لِأَنْعُمِهِ، اِجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ، ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً، وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل ١٢٠/ ١٦ - ١٢٣].