محمد عليهما السلام، وهنا تذكر الآيات في ختام محاجتهم أن الوحي جنس واحد لا يختلف بين الرسل، فلو صدقوا الإيمان بموسى أو غيره، لآمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، فلم يفرقون بين نبي ونبي؟ فالكلام متصل بقوله:{يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ} فأعلم تعالى أن أمر محمد صلّى الله عليه وسلّم كأمر من تقدمه من الأنبياء.
التفسير والبيان:
ذكر الله تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم، كما أوحى إلى غيره من الأنبياء المتقدمين، فهو ليس بدعا من الرسل، ولو آمنوا بالرسل حقيقة لآمنوا بالنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، فالوحي جنس واحد لم يتغير، وفي كتبهم البشارة به ووصفه.
والوحي: إعلام من الله نبيا أو رسولا كلاما أو معنى بطريقة تفيده العلم اليقيني القاطع بما أعلمه الله به. أو هو كما قال الشيخ محمد عبده في رسالة التوحيد: عرفان يجده الشخص من نفسه، مع اليقين بأنه من قبل الله بواسطة أو بغير واسطة.
ونموذج الوحي واحد: إلى نوح وبدأ به؛ لأنه أقدم الأنبياء وأول نبي شرعت على لسانه الشرائع، ثم إلى من بعده من النبيين: وهم إبراهيم أبو الأنبياء وخليل الله، وإسماعيل ابنه الأكبر وأبو العرب وجد المصطفى عليه الصلاة والسلام ومات بمكة، وإسحاق وهو ابن إبراهيم وأبو يعقوب المسمى إسرائيل، وإليه تنسب اليهود ومات بالشام، ثم لوط وإبراهيم عمه، ثم يعقوب، ثم الأسباط أولاد يعقوب العشرة، وحفيداه ابنا يوسف، فيصبح مجموعهم اثني عشر سبطا، والأسباط في بني إسرائيل من نسل إسحاق كالقبائل في ولد إسماعيل. ثم إلى موسى وهارون وأيوب وداود وسليمان بن داود ويونس، وقدم عيسى ابن مريم على هؤلاء؛ لأن اليهود طعنوا به، والواو لا تقتضي الترتيب، وخص هؤلاء الأنبياء بالذكر لشرفهم وكرامتهم على الله.