{فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ}{أَنْ تُصِيبُوا}: في تقديره وجهان: إما كراهية أن تصيبوا، أو لئلا تصيبوا. و {بِجَهالَةٍ}: حال من فاعل تبينوا، أي جاهلين.
{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ} أن وما بعدها سادّ مسدّ مفعولي {اِعْلَمُوا}.
{فَضْلاً مِنَ اللهِ} إما مفعول لأجله، أو مصدر مؤكد لما قبله.
البلاغة:
{أُولئِكَ هُمُ الرّاشِدُونَ} التفات عن الخطاب للغيبة بعد قوله: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ}.
بين {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} وبين {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ} ما يسمى بالمقابلة.
المفردات اللغوية:
{فاسِقٌ} خارج عن حدود الدين أو الشرع، مأخوذ من قولهم: فسق الرطب: إذا خرج من قشره، والفسوق: الخروج من الشيء والانسلاخ منه {بِنَبَإٍ} خبر {فَتَبَيَّنُوا} أي اطلبوا بيان الحقيقة ومعرفة الصدق من الكذب، وقرئ:«فتثبتوا» من الثبات {أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً} أي خشية ذلك أو كراهة إصابتكم {فَتُصْبِحُوا} تصيروا {عَلى ما فَعَلْتُمْ} من الخطأ بالقوم {نادِمِينَ} مغتمين غما لازما، متمنين أنه لم يقع.
{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ} أي فلا تقولوا الباطل، فإن الله يخبره بالحال {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ} الذي تخبرون به على خلاف الواقع {لَعَنِتُّمْ} لوقعتم في العنت وهو الجهد والهلاك والإثم {وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ.}. استدراك ببيان عذرهم، وهو أنهم من فرط حبهم للإيمان وكراهتهم الكفر، حملهم على ذلك لما سمعوا قول الفاسق {وَزَيَّنَهُ} حسّنه {الْكُفْرَ} تغطية نعم الله تعالى بجحودها {الْفُسُوقَ} الخروج عن الحد {الْعِصْيانَ} المخالفة {أُولئِكَ} البعض المتبينون {هُمُ الرّاشِدُونَ} الثابتون على دينهم، وهذه جملة معترضة، والخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، مأخوذ من الرشاد: وهو إصابة الحق واتباع طريق الاستقامة.
{فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً} تعليل لقوله: {حَبَّبَ}{وَكَرَّهَ} فإن التحبيب والرشد فضل من الله وإنعام {وَاللهُ عَلِيمٌ} بأحوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل {حَكِيمٌ} في إنعامه عليهم بالتوفيق.