للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالله واليوم الآخر أي بالبعث بعد الموت والجزاء على الأعمال، والمؤدون زكاة أموالهم للمستحقين، والمطيعون أوامر ربهم، وأخص منهم مقيمي الصلاة الذين يؤدونها على أتم وجه، مستوفية أركانها وشروطها. وتخصيص المدح لإقامة الصلاة؛ لأنها تستدعي إيتاء الزكاة، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وتزكي النفس، وتهوّن على النفس إيتاء المال لمستحقه، كما قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلاَّ الْمُصَلِّينَ} [المعارج ١٩/ ٧٠ - ٢٢].

هؤلاء الموصوفون بما تقدم، سيؤتيهم ربهم أجرا عظيما هو الجنة، لا يدرك حقيقته إلا الله.

روى ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس أن الآية {لكِنِ الرّاسِخُونَ.}. أنزلت في عبد الله بن سلام، وأسيد بن سعية، وثعلبة بن سعية، وأسد بن عبيد حين فارقوا يهود وأسلموا، أي دخلوا في الإسلام وصدقوا بما أرسل الله به محمدا صلّى الله عليه وسلّم.

فقه الحياة أو الأحكام:

ذكر سبحانه وتعالى أسباب استحقاق اليهود العذاب الأليم في نار جهنم وتحريم بعض الطيبات في عالم الدنيا: وهي الظلم، وقدّم على التحريم؛ إذ هو الذي قصد الإخبار عنه بأنه سبب التحريم، وصد أنفسهم وغيرهم عن اتباع محمد صلّى الله عليه وسلّم، وأكل الربا وأكل أموال الناس بالباطل، وهذا كله تفسير للظلم الذي تعاطوه، وكذلك ما قبله من نقضهم الميثاق وعبادة العجل وغير ذلك مما ذكر.

وهذا يؤيد مذهب الجمهور غير الحنفية القائلين بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، قال ابن العربي (١): لا خلاف في مذهب مالك في أن الكفار مخاطبون


(١) أحكام القرآن لابن العربي: ٥١٤/ ١

<<  <  ج: ص:  >  >>