{وَيُنَجِّي اللهُ} من جهنم {الَّذِينَ اتَّقَوْا} الشرك الذي هو الكذب على الله {بِمَفازَتِهِمْ} بفوزهم بالجنة وفلاحهم، بأن يجعلوا في الجنة، وتفسيرها بالسعادة والعمل الصالح إطلاق لها على السبب، فإن سبب منجاتهم العمل الصالح، ويجوز أن يسمى العمل الصالح بنفسه مفازة، لأنه سببها.
المناسبة:
بعد وعيد المشركين بما سبق من أهوال القيامة، ووعد المتقين بالعفو والمغفرة والنعيم، ذكر الله تعالى نوعا آخر من الوعيد والوعد، وهو حال الفريقين يوم القيامة، حال المكذبين، وحال المتقين، فتسودّ وجوه الفريق الأول، وتبيضّ وجوه الفريق الثاني.
التفسير والبيان:
{وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ، أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ} أي واذكر أيها الرسول خبرا مهما هو حين ترى يوم القيامة الذين كذبوا على الله في دعواهم له شريكا وصاحبة وولدا، وجوههم مسودة بكذبهم وافترائهم، لما أحدق بهم من شدة وحزن وكآبة، ولما شاهدوه من العذاب وغضب الله ونقمته.
إن في جهنم مسكنا ومقاما للمتكبرين عن طاعة الله، الذين أبوا الانقياد للحق. والكبر: هو بطر الحق وغمط الناس، كما في الحديث الصحيح. وفي
حديث آخر أخرجه أحمد والترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي ص:
«يحشر المتكبرون يوم القيامة كأمثال الذّرّ في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يساقون إلى سجن في جهنم..».
{وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ، لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ، وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} هذا حال الفريق الآخر في مواجهة فريق المشركين المكذبين، وهو أن الله ينجي الذين اتقوا الشرك ومعاصي الله من عذاب جهنم، ينجيهم بفوزهم، أي بنجاتهم