وأخرج أبو الشيخ ابن حيان عن يعلى بن مسلم قال: سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية.. قال: اقرأ ما قبلها فقرأت: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ.}. إلى قوله:{لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ}.
المناسبة:
هذه متعلّقة بما قبلها؛ لأن الله تعالى بعد أن نهى عن تحريم الطّيّبات بسبب قوم أرادوا الزّهد والتّقشّف والتّرهّب في الحياة تقرّبا إلى الله، سألوا النّبي صلّى الله عليه وسلّم عمّا يصنعون بأيمانهم التي حلفوها، فأجابهم الله عزّ وجلّ بإنزال حكم كفارة الأيمان.
التفسير والبيان:
لا مؤاخذة بالأيمان التي تحلف بلا قصد، ولا يتعلّق بها حكم، وهي اليمين اللغو: وهي التي تسبق على لسان الحالف من غير قصد،
قالت عائشة: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «هو كلام الرحل في بيته: لا والله، وبلى والله». وهذا مذهب الشافعي، وقال باقي الأئمة (الجمهور): هي أن يخبر عن الماضي أو عن الحال على الظّنّ أن المخبر به كما أخبر، وهو بخلافه، في النّفي والإثبات. بدليل ما روي عن ابن عباس في لغو اليمين: أن تحلف على الأمر أنه كذلك وليس كذلك، وهو مروي أيضا عن مجاهد: هو الرجل يحلف على الشيء أنه كذلك، وليس كما ظنّ.
ولكن يؤاخذكم باليمين المنعقدة: وهي التي يحدث الحلف فيها على أمر في المستقبل بتصميم وقصد أن يفعله أو لا يفعله. وهناك نوع ثالث هي اليمين الغموس: وهي في رأي الحنفية: اليمين الكاذبة قصدا في الماضي أو في الحال. فتصير الأيمان ثلاثة أنواع: يمين لغو، ويمين منعقدة، ويمين غموس. أخرج الطبري عن أبي مالك قال: الأيمان ثلاث: يمين تكفر، ويمين لا تكفر، ويمين لا يؤاخذ بها صاحبها، فأما اليمين التي تكفر: فالرجل يحلف على الأمر لا يفعله ثم يفعله، فعليه