{فَارْتَقِبْ} انتظر. {بِدُخانٍ مُبِينٍ} بيّن واضح، والمراد من الدّخان: يوم الشدّة والمجاعة في الماضي، فإن الجائع يرى ما فوقه إلى السّماء ظلاما من شدّة الجوع، وضعف البصر، كهيئة الدّخان، وفي المستقبل يمكن تفسير الدّخان بالغبار الذّري الذي يهدّد البشرية بالموت ويعقبه ظلام.
{يَغْشَى النّاسَ} يحيط بهم من كلّ جانب، وهو صفة للدّخان. {هذا عَذابٌ أَلِيمٌ} أي يقولون: هذا عذاب مؤلم، ويقولون:{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ، إِنّا مُؤْمِنُونَ} مصدّقون بك وبنبيّك، وهذا وعد بالإيمان إن كشف العذاب عنهم.
{أَنّى لَهُمُ الذِّكْرى}؟ أي من أين لهم، وكيف يتذكرون في هذه الحال؟ المعنى:
لا ينفعهم الإيمان عند نزول العذاب. {وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ} بيّن الرّسالة، بيّن لهم بالآيات والمعجزات ما يوجب الإيمان والتّذكّر. {مُعَلَّمٌ} أي يعلمه غيره القرآن، قالوا: يعلمه غلام رومي لبعض ثقيف.
{إِنّا كاشِفُوا الْعَذابِ} نكشف العذاب بدعاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فإنه دعا، فرفع القحط.
{قَلِيلاً} كشفا قليلا أو زمنا قليلا، وهو ما بقي من أعمارهم. {إِنَّكُمْ عائِدُونَ} إلى الكفر، فعادوا إليه بعد كشف العذاب.
{نَبْطِشُ} نأخذ بقوة وشدة، والبطش: الأخذ الشديد، والبأس. {الْبَطْشَةَ الْكُبْرى} يوم القيامة أو يوم بدر. {إِنّا مُنْتَقِمُونَ} ننتقم منهم بسبب كفرهم.
سبب النّزول:
نزول الآية (١٠):
{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ}: أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال: إن قريشا لما استعصوا على النّبي صلّى الله عليه وسلّم، دعا عليهم بسنين كسنيّ يوسف، فأصابهم قحط، حتى أكلوا العظام، فجعل الرّجل ينظر إلى السماء، فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدّخان من الجهد، فأنزل الله:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ} فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: يا رسول الله، استسق الله لمضر، فإنها قد هلكت، فاستسقى، فسقوا، فنزلت.