للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفردات اللغوية:

{الصَّاخَّةُ} هي القارعة أو الطامة الكبرى أو القيامة، وهي النفخة الثانية التي يكون معها البعث، والمراد بها الصيحة التي تصم الآذان لشدتها، وصفت بها مجازا؛ لأن الناس يصخون لها، والصخ: الضرب بالحديد على الحديد أو بالعصا على شيء، فيسمع صوت شديد.

{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} لاشتغاله بشأنه، وعلمه بأنهم لا ينفعونه. {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} شغل أو حال يكفيه في الاهتمام به، ويشغله عن شأن غيره، أي اشتغل كل واحد بنفسه، مما يدل على الرهبة والخوف الشديد، و {يُغْنِيهِ} يصرفه عن غيره.

{مُسْفِرَةٌ} مضيئة متهللة مشرقة من البشر، يقال: أسفر الصبح: إذا أضاء.

{مُسْتَبْشِرَةٌ} فرحة بما ترى من النعيم، وهم المؤمنون. {غَبَرَةٌ} غبار وكدورة، وهم الكافرون.

{تَرْهَقُها} تغشاها. {قَتَرَةٌ} سواد وظلمة كالدخان. {أُولئِكَ} أصحاب هذه الحالة. {هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} الجامعون بين أنواع الكفر: (إنكار وجود الله أو إنكار وحدانيته) والفجور:

العصيان والخروج عن حدود الله.

المناسبة:

بعد بيان نعم الله تعالى في نفس الإنسان وفي الآفاق، وإقامة الأدلة والبراهين بها على كمال قدرة الله عز وجل على البعث وكل شيء، أبان الله تعالى بعض أهوال القيامة وأحوالها التي تملأ النفس خوفا ورهبة، ليكون ذلك مدعاة إلى التأمل في الدلائل والإيمان بها والإعراض عن الكفر، وإلى ترك التكبر على الناس، وإلى إظهار التواضع إلى كل أحد.

والناس في ذلك الموقف فريقان: سعداء وأشقياء، والفريق الأول ضاحك مستبشر: وهو من امن بالله ورسله وأطاع ما أمر الله به. والفريق الثاني عابس متكدر، تعلو وجهه الغبرة وترهقه القترة: وهو الذي أنكر وجود الله وتوحيده، وأعرض عن قبول ما جاءت به رسل الله.

قال القرطبي: لما ذكر أمر المعاش، ذكر أمر المعاد، ليتزودوا له بالأعمال الصالحة، وبالإنفاق مما امتنّ به عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>