للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير والبيان:

هذه الآيات ذمّ واضح للمنافقين المتخلفين عن المشاركة في القتال في غزوة تبوك، وإخبار عن مصيرهم السيء في الآخرة، وقد نزلت في أثناء السفر.

والمعنى: فرح أولئك المنافقون المخلّفون في المدينة بقعودهم في بيوتهم، بعد أن تركهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم عند خروجه إلى غزوة تبوك، وسبب فرحهم عدم إيمانهم بأن في الجهاد خيرا، وكراهيتهم الجهاد مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله. والفرح بالإقامة يدل على كراهة الذهاب، إلا أنه تعالى أعاده للتأكيد.

والخلاصة: إنهم فرحوا بسبب التخلف، وكرهوا الذهاب إلى الجهاد.

ولم يقتصر الأمر على فرحهم بأنفسهم، بل أغروا غيرهم بعدم الخروج، وقال بعضهم لبعض: لا تخرجوا للجهاد؛ لأن غزوة تبوك في شدة الحر، وقد طابت الثمار والظلال.

فرد الله عليهم بقوله: {قُلْ: نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} أي إن نار جهنم التي أعدت للعصاة والتي تصيرون إليها بمخالفتكم أشدا حرا مما فررتم منه من الحر، فلو كانوا يعقلون ذلك ويعتبرون به، لما خالفوا وقعدوا، ولما فرحوا بل حزنوا، كما

روى الإمام مالك والشيخان عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قال: «نار بني آدم التي توقدونها جزء من سبعين جزءا من نار جهنم».

ثم أخبر الله تعالى عن عاقبة أمرهم فقال: {فَلْيَضْحَكُوا..}. أي إن الأولى بهم أن يضحكوا ويفرحوا قليلا، ويبكوا كثيرا، وهو خبر عن حالهم وارد بصيغة الأمر، يقصد به التهديد وانتظار ما سيلاقون من عذاب شديد، جزاء على ما اقترفوه أو اكتسبوه من الجرائم والنفاق.

أخرج الشيخان في الصحيحين عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: «إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لمن له نعلان وشراكان من نار جهنم، يغلي منهما دماغه، كما يغلي المرجل،

<<  <  ج: ص:  >  >>