بالأنبياء وعصيانكم التوراة. ولم يظلمهم الله بهذا الإبعاد أو الطرد من رحمته، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، فإيمانهم قليل جدا، فهم آمنوا ببعض الكتاب، وتركوا العمل بالبعض الآخر أو حرفوه، أو أنهم لم يؤمنوا أصلا.
وكان عندهم وصف النّبي صلّى الله عليه وسلّم وبيان زمانه، وكانوا يستنصرون به على المشركين ويقولون: اللهم انصرنا بالنبي المبعوث آخر الزمان الذي نجد نعته في التوراة.
فلما جاءهم كتاب من عند الله وهو القرآن الذي أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم، مصدق لما معهم من التوراة، ومؤكد وصف النّبي المعروف عندهم، كفروا به حسدا للعرب، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، واستكبروا عن قبول دعوته وإجابته احتقارا للرسل، وهم يعلمون أنه رسول الله، وآثروا الدنيا على الآخرة، فلعنة الله على كلّ كافر من اليهود وغيرهم، لأنه كفر بدعوة الإسلام.
فقه الحياة أو الأحكام:
هذه صورة واضحة تبين موقف فئة من البشر من الأحكام الإلهية، فمن أعرض عنها، وجحد بها، واستكبر عن قبولها، كان مصيره المحقق المنتظر هو استحقاق العذاب والطرد من رحمة الله تعالى.
وهذا الحشد المتتابع من الرسل الذين جاؤوا لبني إسرائيل يدلّ على مزيد العناية الإلهية بأعتى البشر، وتمكينه من العودة إلى طريق الحق، فإذا عوقب ذلك العاتي المستكبر، كان عقابه حقا وعدلا.
والله تعالى منزّه عن ظلم أحد، ففي قوله تعالى:{بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ}[البقرة ٨٨/ ٢] بيان السبب في نفورهم عن الإيمان، وهو أنهم لعنوا بما تقدم من كفرهم واجترائهم، وهذا هو الجزاء على الذنب بأعظم منه.