الآيات تذكير بالنّعم والمعجزات الباهرات وخوارق العادات التي أجراها الله على يدي عيسى عليه السّلام بإرادة قاطعة من الله وحده.
اذكر يا عيسى نعمتي عليك في خلقي إيّاك من أم بلا أب، وجعلي إيّاك آية ودلالة قاطعة على كمال قدرتي على الأشياء.
ونعمتي على والدتك حيث جعلتك لها برهانا على براءتها مما نسبه الظالمون والجاهلون إليها من الفاحشة، إذ أنطقتك في المهد فشهدت ببراءة أمّك.
وأيّدتك بروح القدس وهو في الأصحّ جبريل عليه السّلام، وجعلتك نبيّا داعيا إلى الله في صغرك وكبرك.
و {تُكَلِّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً} أي تدعو إلى الله الناس في صغرك وكبرك، وتبرّؤ أمك من كلّ عيب وتهمة من الظلمة:{إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبارَكاً}[مريم ٣٠/ ١٩ - ٣١].
{وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ} أي الخط والفهم، فتقرأ الكتب وتفهم ما فيها من العلم النافع لك في الدّين والدّنيا. والحكمة تشمل العلوم النظرية والعلوم العملية. وعلّمتك التّوراة:(وهي المنزلة على موسى بن عمران كليم الله) والإنجيل (وهو ما أوحيته إليك من المواعظ والحكم). وذكر هذان الكتابان بعد ذكر الكتب للتشريف والتعظيم.
وإذ تصنع الطيور، بأن تصوّر من الطّين وتشكّل على هيئة الطائر، بإذني وإرادتي لك في ذلك، ثم تنفخ فيها أي في تلك الصورة التي شكّلتها، فتكون طيرا بإذني لك في ذلك، وهو طائر ذو روح يطير بإذن الله وخلقه، فأنت تفعل التقدير والنفخ والله هو الذي يكوّن الطّير. ولم يكن ذلك مطلقا، وإنما في حالات فردية معدودة لا تقع إلا بإرادة الله.