{وَالَّذِينَ هادُوا} هم اليهود {وَالصّابِئِينَ} هم فرقة بين اليهود والنصارى، أو قوم يعبدون الملائكة، ويقرءون الزبور {وَالْمَجُوسَ} أتباع المتنبئ، قوم يعبدون الشمس والقمر والنار ويقولون: إن هناك إلهين اثنين للخير والشر وهما النور والظلمة. {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} عبدة الأصنام والأوثان {يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} يقضي بينهم لإظهار المحق من المبطل، فيدخل المؤمنين الجنة، ويدخل غيرهم النار {عَلى كُلِّ شَيْءٍ} من عملهم {شَهِيدٌ} عالم به علم مشاهدة، مراقب لما يتعلق به.
{يَسْجُدُ لَهُ} يخضع له بما يراد منه، وهو السجود بالتسخير والانقياد لإرادته تعالى، وهناك سجود بالاختيار خاص بالإنسان. {وَكَثِيرٌ مِنَ النّاسِ} أي ويسجد له كثير من الناس سجود طاعة، فهو فاعل فعل مضمر، أو هو مبتدأ دل عليه قسيمه المقابل له بعده، وخبره: حق له الثواب، وهم المؤمنون بما هو أكثر من الخضوع في سجود الصلاة {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ} أي وكثير منهم ثبت له العذاب، وهم الكافرون؛ لأنهم أبوا السجود والخضوع لله بشرط الإيمان {وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} أي ومن يجعله شقيا لما علم منه من اكتساب الشقاوة فما له أحد يكرمه ويسعده {إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ} من الإهانة والإكرام.
المناسبة:
هناك ارتباط عام وارتباط خاص بين هذه الآيات وما قبلها، أما الارتباط العام: فبعد أن ذكر تعالى أحوال المشركين والمنافقين والمؤمنين، أبان هنا أن الله يقضي بينهم جميعا ليبين المحق من المبطل، وأما الارتباط الخاص، فبعد أن ذكر تعالى في الآية السابقة {أَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ} أتبعه في الآية الأولى ببيان من يهديه ومن لا يهديه.
ثم أردفه في الآية الثانية ببيان أنه ما كان ينبغي لأهل الأديان المختلفة أن يختلفوا؛ لأن جميع العوالم خاضعة لسلطانه وقدرته، وساجدة لعظمته طوعا أو كرها.