هو موجه كلّ منهم إلى قبلته، ففيه تنبيه على شكر الله إذ وفق المسلمين إلى اتباع ما أمر به من التوجه واختيارهم له.
التفسير والبيان:
تستمر هذه الآيات في تأييد موقف النّبي صلّى الله عليه وسلّم في اتجاهه إلى الكعبة، وإبطال دعاوى المنكرين. فذكر الله تعالى أن لكل أمة قبلة خاصة بها، فلليهود قبلة، وللنصارى قبلة، وللمسلمين قبلة، وليس لكل الأمم قبلة واحدة، والواجب التسليم لأمر الوحي، وليست القبلة أساس الدين، وإنما المهم التسابق إلى فعل الخيرات، والله يجازي كل عامل بما عمل، والأمكنة في ميزان الله واحدة، فلا تجادلوا في تحويل القبلة، ولا تعترضوا عليه، وقبلة المسلمين واحدة في مختلف أنحاء الأرض، في البرّ والبحر والجو، ولا فائدة من محاجة المشركين في القبلة، بل اخشوا الله ولا تعصوا له أمرا، فأينما تكونوا يأت بكم الله جميعا يوم القيامة، فيحاسبكم على أعمالكم، والله على كل شيء قدير.
وتفصيل هذا المعنى الإجمالي فيما يأتي:
لكل أمة جهة توليها في صلاتها، فإبراهيم وإسماعيل كانا يتجهان نحو الكعبة، وبنو إسرائيل يستقبلون صخرة بيت المقدس، والنصارى يستقبلون المشرق، وهدى الله المسلمين إلى الكعبة، فالقبلة مختلفة باختلاف الأمم، وليست الجهة أساسا في الدين مثل توحيد الله والإيمان باليوم الآخر، والمطلوب التسليم لأمر الوحي، وتنفيذ الطاعات.
فبادروا في فعل أنواع الخير، وليحرص كل إنسان على أن يكون سباقا إليه، مبتعدا عن كل شرّ وضلال، والشأن فقط لعمل البرّ، والبلاد والجهات ليست أساس القربة إلى الله تعالى، وهي سواء عند الله، والله يأتي بكم في أي مكان تقيمون فيه، ويجمعكم للحساب. والدليل أن الله لا يعجزه أن يحشر الناس يوم