صرّفناها، فهي لام الصيرورة، ولتبيان الحق لقوم يعلمون ويدركون معناها ويقدرون فحواها ومضمونها.
والرسول صلّى الله عليه وسلّم مأمور بتبليغ الدعوة والرسالة الإلهية، والمقصود من هذا الأمر بعد اتهام الكفار له بالافتراء أو مدارسة أقوام هو تقوية قلبه وإزالة الحزن الذي حدث عنده بسبب هذا الاتهام، لئلا يصير قول الكفار سببا لفتوره في تبليغ الدعوة.
والرسول صلّى الله عليه وسلّم مأمور أيضا بالإعراض عن المشركين بعد قيامه بواجب التبليغ، والله قادر على جعلهم مؤمنين موحدين غير مشركين، ولم يجعل من مهام النّبي صلّى الله عليه وسلّم الرقابة على أعمالهم، ولا التوكل بأمورهم ومصالحهم في دينهم ودنياهم، وإنما مهمته التبليغ، ليترك لهم حرية الاختيار والطواعية بقبول الإيمان، وكأنه تعالى يقول لنبيه صلّى الله عليه وسلّم: لا تلتفت إلى سفاهات الكفار، ولا يثقلن عليك كفرهم، فإني لو أردت إزالة الكفر عنهم لقدرت، ولكني تركتهم مع كفرهم، فلا تشغل قلبك بكلامهم.
ويحمل قوله تعالى:{وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا} أي عدم مشيئته لإيمانهم على الإيمان الحاصل بالقهر والجبر والإلجاء، ويحمل مشيئة الله لإيمانهم على مشيئة الإيمان الاختياري الموجب للثواب والثناء (١).