يخالفهم أحد الأتباع. ولما رأت زوجها لدى الباب يريد الدخول، لفقت عليه التهمة، وأفهمته أنه يريدها بسوء، فكذبها يوسف الصّديق، فاحتكم الزوج العاقل إلى القرائن: إن كان قميصه مزّق من الأمام فهي الكاذبة، وإن مزق من الخلف فهو الصادق، لأن المقدم على المرأة يظهر أثر مقاومتها ودفاعها من الناحية الإمامية، والهارب من المرأة يظهر أثر لحاقها به من الخلف، فظهرت براءته، والتصقت التهمة بها، وأمر يوسف بكتمان الخبر، وأمرها بالاستغفار لذنبها.
ومع هذا، شاع خبر امرأة العزيز وفتاها في أرجاء المدينة، ولامتها النساء، فأعدت لهن طعاما يحتاج إلى القطع بالسكين، وآتت كل واحدة سكينا، وأمرت يوسف أن يخرج عليهن، فبهرهن جماله، فقطعن أيديهن، وقلن:{ما هذا بَشَراً، إِنْ هذا إِلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ} فعذرنها، ثم هددته بالسجن إن لم يستجب لها، وفشا أمره بين الناس، فرأى سيده أن يزجه في السجن، ليحمي سمعة امرأته.
دخول يوسف إلى السجن ودعوته لدينه فيه:
وأدخل يوسف السجن، ودخل معه السجن فتيان: أحدهما: رئيس الخبازين عند الملك، والثاني: رئيس سقاته، فرأى الثاني في منامه أنه يعصر في كأس الملك خمرا، ورأى الأول أنه يحمل فوق رأسه خبزا وطيرا تأكل الناس منه، وطلبا من يوسف تعبير الرؤيا.
فأظهر يوسف مقدرته على تأويل الرؤيا، ولكنه قدم لذلك بدعوته السجناء إلى توحيد الله، قائلا لصاحبيه:{أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ؟} وقال للساقي: إنه يسقي ربه خمرا، وقال للآخر: إنه سيصلب، فتأكل الطير من رأسه. وتأمل يوسف الفرج وقال لمن ظن أنه ناج منهما: