الفداء من الأسارى، فأنزل الله:{عَفَا اللهُ عَنْكَ، لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}. وهذا مروي أيضا عن قتادة.
قال بعض العلماء: إنما بدر منه ترك الأولى، فقدّم الله العفو على الخطاب الذي هو في صورة العتاب.
وهو عتاب تلطف؛ إذ قال:{عَفَا اللهُ عَنْكَ}. وكان صلّى الله عليه وآله وسلم أذن من غير وحي نزل فيه.
المناسبة:
بعد أن بالغ الله تعالى في ترغيب المؤمنين في الجهاد في سبيل الله، ووبخ المتثاقلين عنه بقوله:{ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ: اِنْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} عاد إلى تقرير كونهم متثاقلين، وبيّن أن أقواما، مع كل ما تقدم من الوعيد والحث على الجهاد، تخلفوا عن غزوة تبوك، وأما الأكثر فكان يلبي نداء الجهاد بسرعة ونشاط؛ لأنهم ينتظرون إحدى الحسنيين: إما الشهادة، وإما النصر.
فهذه الآيات نزلت في المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وهي أول ما نزل في التفرقة بين المنافقين والمؤمنين في القتال، لذا سميت سورة براءة كما بينت آنفا «الفاضحة» لأنها فضحت أحوال المنافقين، قال ابن عباس: لم يكن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يعرف المنافقين حتى نزلت سورة براءة أي لم يعرف شؤونهم مفصلة، فلما رجع من غزوة تبوك أظهر الله نفاق قوم.
التفسير والبيان:
وبخ الله تعالى في هذه الآيات المتخلفين عن غزوة تبوك، الذين استأذنوا