للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقّ الثابت الذي لا شبهة فيه، كاشفة حقيقة الأمر في الدّنيا والآخرة.

والله لا يريد ظلما للعباد، أي ليس بظالم، بل هو الحاكم العدل الذي لا يجوز؛ لأنه القادر على كلّ شيء، العالم بكلّ شيء، ولأن الظلم يصادم الحكمة والكمال في النّظام وفي التّشريع، فلا يحتاج إلى ظلم أحد من خلقه، وأما ما يأمر به وينهى عنه، فإنما يريد هدايتهم إلى أقوم الطّرق، فإذا خرجوا عن حدود الطّاعة وفسقوا كانوا هم الظالمين لأنفسهم، والظالم هو الذي سبب لنفسه العقاب، كما قال تعالى: {وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود ١٠٢/ ١١]، وقال: {وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ، وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ} [هود ١١٧/ ١١].

ومما يدلّ على عدم احتياج الله لظلم أحد من خلقه: أن جميع ما في السموات والأرض من مخلوقات وكائنات ملك له وعبيد له، وأنهم إليه راجعون، فهو الحاكم المتصرّف في الدّنيا والآخرة.

فقه الحياة أو الأحكام:

أوّلا-إنّ الدعوة إلى الإسلام ونشرها في آفاق العالم والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر من فروض الإسلام الكفائية، لقوله تعالى: {وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً، فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ، لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة ١٢٢/ ٩].

ويجب أن يكون الدّعاة علماء بما يدعون الناس إليه، وقائمين بفرائض الدّين، وهم الذين وصفهم الله تعالى بقوله: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ، وَآتَوُا الزَّكاةَ، وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج ٤١/ ٢٢]، والسبب أن الدّاعية هو القدوة الحسنة والمثل الصالح

<<  <  ج: ص:  >  >>