يخبر الله تعالى عن عناد المشركين ومكابرتهم للمحسوس، فيقول:
{وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا: سَحابٌ مَرْكُومٌ} أي إن ير هؤلاء المشركون قطعة من نار السماء ساقطة عليهم لتعذيبهم، لما صدقوا ولما أيقنوا، ولما انتهوا عن كفرهم، بل يقولون: هذا سحاب متراكم ملقى بعضه على بعض، نرتوي به. وهذه غاية المكابرة، لأنهم ينكرون ما تبصره الأعين وتشاهده النفوس.
{فَذَرْهُمْ حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} أي إذا كان هذا شأنهم وتبين أنهم لا يرجعون عن كفرهم، فدعهم يا محمد ولا تأبه بهم حتى يلقوا أو يأتي يوم مجازاتهم بأعمالهم السيئة الذي يحدث فيهم هلاكهم السريع، وهو يوم موتهم أو قتلهم وهو يوم بدر، وهو الظاهر في الآية كما قال البقاعي، لأنهم عذبوا فيه، أو يوم النفخة الأولى يوم القيامة، لأن صعقته تعم جميع الخلائق، وهو قول الجمهور، كما ذكر أبو حيان.
وإسقاط كلمة الإشارة قبل كلمة {سَحابٌ} أي هذا سحاب لوضوح الأمر وظهور العناد، كما أن كلمة {يَقُولُوا} تدل على العناد.
{يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً، وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} أي ذلك اليوم يوم لا ينفعهم فيه مكرهم ولا كيدهم الذي كادوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا، ولا يمنع عنهم العذاب النازل بهم مانع ولا ينصرهم ناصر، بل هو واقع بهم لا محالة.