المحسنات، ونهى عنه من المستقبحات. والتقييد بالمعروف مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا به، تنبيه على أنه لا يجوز طاعة مخلوق في معصية الخالق. {فَبايِعْهُنَّ} أي إذا بايعنك فبايعهن، أي فالتزم لهن بضمان الثواب حال الوفاء بهذه الأشياء. {وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ} اطلب لهن المغفرة.
{قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ} عامة الكفار، أو اليهود إذ روي أنها نزلت في بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود، ليصيبوا من ثمارهم. {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ} لكفرهم بها، أو لعلهم بأنه لا حظ لهم فيها لمعاندة الرسول صلى الله عليه وسلم. {كَما يَئِسَ الْكُفّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ} من موتاهم أن يبعثوا، أي يرجعوا أحياء.
سبب النزول:
نزول الآية (١٢):
نزلت يوم الفتح، فإنه صلى الله عليه وسلم لما فرغ من بيعة الرجال، أخذ في بيعة النساء.
أخرج البخاري عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت:
«إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجرن إليه بهذه الآية: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ} -إلى قوله-: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} فمن أقرت بهذا الشرط من المؤمنات، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد بايعتك» كلاما، ولا، والله ما مسّت يده يد امرأة في المبايعة قط، ما بايعهن إلا بقوله: قد بايعتك على ذلك».
وفي صحيح مسلم عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:«كان المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحنّ بقول الله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ} إلى آخر الآية. قالت عائشة: فمن أقرّ بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلقن فقد بايعتكن، ولا والله ما مسّت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قطّ، غير أنه بايعهن بالكلام. قالت عائشة: والله، ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفّ امرأة قط، وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن: قد بايعتكنّ كلاما».