له. {لَأَوّاهٌ} كثير التضرع والتأوه والدعاء. {حَلِيمٌ} صبور على الأذى لا يغضب. والجملة لبيان ما حمله على الاستغفار له مع معاداته له {لِيُضِلَّ قَوْماً} ليسميهم ضلالا أو يؤاخذهم.
{بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ} للإسلام. {ما يَتَّقُونَ} من العمل أي يبين لهم خطر ما يجب اتقاؤه، فإذا لم يتقوه استحقوا الإضلال. {عَلِيمٌ} يعلم كل شيء، ومنه مستحق الإضلال والهداية.
{مِنْ دُونِ اللهِ} من غيره. {مِنْ وَلِيٍّ} يحفظكم منه. {وَلا نَصِيرٍ} يمنعكم من ضرره.
سبب النزول:
أخرج أحمد والشيخان وابن أبي شيبة وابن جرير وغيرهم من طريق سعيد بن المسيب عن أبيه، قال: لما حضر أبا طالب الوفاة، دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: أي عم: قل:
لا إله إلا الله، أحاج لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى آخر شيء كلمهم به: هو على ملة عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: لأستغفرن لك، ما لم أنه عنك، فنزلت:{ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية. وأنزل في أبي طالب:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية [القصص ٥٦/ ٢٨].
وظاهر هذا أن الآية نزلت بمكة؛ ولأن أبا طالب مات بمكة قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين. ونظرا لأن هذه السورة مدنية، فقد استبعد بعض العلماء أن تكون نزلت في أبي طالب.
وأخرج الترمذي وحسنه الحاكم عن علي قال: سمعت رجلا يستغفر لأبويه، وهما مشركان، فقلت له: أتستغفر لأبويك، وهما مشركان؟ فقال: استغفر إبراهيم لأبيه، وهو مشرك، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، فنزلت:{ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}.
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل وغيرهما عن ابن مسعود قال: خرج