للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبما أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم اختار يوم الجمعة، فذلك يدل على أن إبراهيم عليه السلام كان قد اختار في شرعه يوم الجمعة، وهذا يستدعي السؤال: لم اختار اليهود يوم السبت؟ فأجاب الله تعالى بأن تعظيم السبت واتخاذه للعبادة لم يكن من شرع إبراهيم ولا دينه، وإنما كان مفروضا على اليهود الذين اختلفوا على نبيهم موسى عليه السلام في شأن تعظيمه، حيث أمرهم بالجمعة، فاختاروا السبت، فاختلافهم في السبت كان اختلافا على نبيهم في ذلك اليوم، وليس اختلافهم في أن منهم من قال بالسبت، ومنهم من لم يقل به؛ لأن اليهود اتفقوا على ذلك، وهذا هو ما صححه الرازي (١).

التفسير والبيان:

يمدح الله تعالى إبراهيم إمام الحنفاء، ووالد الأنبياء، ويبرئه من المشركين، ومن اليهودية والنصرانية، فيقول: {إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ.} ..

أي إنه تعالى وصف إبراهيم عليه السلام بتسع صفات هي:

١ - إنه كان أمة، أي كان وحده أمة من الأمم، لكماله في صفات الخير.

والمعنى: أنه الإمام الذي يقتدى به.

٢ - كونه قانتا لله، أي خاشعا مطيعا لله قائما بأمره.

٣ - كونه حنيفا، أي مائلا عن الشرك والباطل قصدا إلى التوحيد.

٤ - إنه ما كان من المشركين، بل كان من الموحدين في الصغر والكبر، فهو الذي قال لملك زمانه: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة ٢٥٨/ ٢] وهو الذي أبطل عبادة الأصنام والكواكب بقوله: {لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} [الأنعام ٧٦/ ٦] ثم كسر الأصنام حتى ألقوه في النار.


(١) تفسير الرازي: ١٣٧/ ٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>