٥ - شاكرا لأنعم الله عليه، والأنعام وإن كان جمع قلة إلا أن المراد به أنه كان شاكرا لجميع نعم الله إن كانت قليلة، فبالأولى الكثيرة، وهذا كما قال تعالى:
{وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفّى}[النجم ٣٧/ ٥٣] أي قام بجميع ما أمره الله تعالى به.
وهذا تعريض بكل من جحد بأنعم الله مثل قريش وغيرهم.
٦ - إنه اجتباه ربه، أي اختاره واصطفاه للنبوة، كما قال:{وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ، وَكُنّا بِهِ عالِمِينَ}[الأنبياء ٥١/ ٢١].
٧ - إنه هداه إلى صراط مستقيم، أي في الدعوة إلى الله والترغيب في الدين الحق، والتنفير عن الدين الباطل، كما قال تعالى:{وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً}[الأنعام ١٥٣/ ٦].
٨ - وآتاه الله في الدنيا حسنة، أي إن الله حببه إلى جميع الخلق، فكل أهل الأديان يقرّون به، سواء المسلمون واليهود والنصارى، أما كفار قريش وسائر العرب، فلا فخر لهم إلا به، وهذا إجابة لدعائه إذ قال:{وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}[الشعراء ٨٤/ ٢٦].
٩ - وإنه في الآخرة لمن الصالحين أي في زمرتهم، تحقيقا لدعائه {رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ}[الشعراء ٨٣/ ٢٦] وكونه مع الصالحين لا ينفي أن يكون من أعلى مقامات الصالحين؛ لقوله سبحانه:{وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ، نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ}[الأنعام ٨٣/ ٦].
وبعد تعداد هذه الصفات العالية لإبراهيم عليه السلام، أمر الله نبيه باتباعه، فقال:{ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ.}. وبناء على كماله وصحة توحيده