ثم بيّن عذاب اليوم الكبير بأن مرجعهم إلى من هو قادر على كل شيء، ومنه العذاب والثواب، أي أن معادهم يوم القيامة، إلى الله القادر على ما يشاء من إحسانه إلى أوليائه، وانتقامه من أعدائه، وإعادة الخلائق يوم القيامة. ولفظ {إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ} يفيد الحصر، يعني أن مرجعنا إلى الله لا إلى غيره.
وهذا تهديد شديد لمن تولى عن أوامر الله تعالى، وكذّب رسله، فإن العذاب يناله يوم القيامة، لا محالة. وهو ترهيب يقابل الترغيب السابق.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١ - آي القرآن الكريم محكمة كلها لا خلل فيها ولا باطل، منظمة بنظم محكم اللفظ والمعنى، لا تناقض فيها ولا اضطراب، مفصلة تفصيلا تاما شاملا جميع الدلائل الدالة على التوحيد والنبوة والبعث وغيرها، فهي كاملة الصورة والمعنى، محققة للمصالح البشرية في الدنيا والآخرة. وقوله:{الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} دليل على وجود الصانع الخالق.
٢ - دعوة القرآن صريحة تتجه نحو تحقيق العبودية للخالق المنعم المتفضل، وتخصيصه وإفراده بالعبادة، دون أي أحد سواه، فالآية مشتملة على الأمر بعبادة الله، ومنع عبادة غير الله.
٣ - وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلّم هي الإنذار والتخويف لمن عصاه بالعذاب، والتبشير بالرضوان والجنة لمن أطاعه.
٤ - واجب الإنسان الاستغفار، أي طلب المغفرة من الشرك والذنوب، والتوبة والإنابة إلى الله بالطاعة والعبادة، فمعنى قوله {تُوبُوا} ارجعوا إليه بالطاعة والعبادة. قال بعض الصلحاء: الاستغفار بلا إقلاع عن الذنب توبة الكذابين.