وتاب الله أيضا على الثلاثة الذين خلّفوا أي تخلفوا عن الغزو لا بسبب النفاق، وإنما كسلا وإيثارا للراحة والقعود. وخلفوا الغازين بالمدينة أي صاروا خلفاء للذين ذهبوا إلى الغزو وأرجئوا وأخروا عن المنافقين فلم يقض فيهم شيء، وهم المرجون لأمر الله، وهم كعب بن مالك الشاعر، وهلال بن أمية الواقفي الذي نزلت فيه آية اللعان، ومرارة بن الربيع العامري، وكلهم من الأنصار.
ووصف الله هؤلاء الثلاثة بصفات ثلاث هي:
الصفة الأولى:
{حَتّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ}: أي خلفوا عن التوبة حتى شعروا بأن الأرض قد ضاقت عليهم على رحبها وسعتها بالخلق جميعا، خوفا من العاقبة، وجزعا من إعراض النبي صلى الله عليه وسلّم عنهم، ومنع المؤمنين من مكالمتهم، وأمر أزواجهم باعتزالهم، حتى بقوا على هذه الحالة خمسين يوما أو أكثر.
والصفة الثانية:
{وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ} أي ضاقت صدورهم بسبب الهم والغم، ومجانبة الأحباء، ونظر الناس لهم بعين الإهانة.
والصفة الثانية:
{وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاّ إِلَيْهِ} أي علموا واعتقدوا ألا ملجأ ولا ملاذ من غضب الله إلا بالتوبة والاستغفار ورجاء رحمته.
{ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ} أي أنزل قبول توبتهم.
{لِيَتُوبُوا} أي ليرجعوا إليه بعد إعراضهم عن هدايته واتباع رسوله صلى الله عليه وسلّم. وهذه الأوصاف السابقة كانت دليلا على توبتهم وصدقهم في ندمهم. إن الله