وأما موسى وجند الإيمان بعد إغراق فرعون وقومه، فلهم نور التوراة:
{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى، بَصائِرَ لِلنّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً، لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} أي لقد أنعم الله على عبده ورسوله موسى الكليم عليه السلام بإنزال التوراة بعد ما أهلك فرعون وقومه ومن تقدمهم من قوم نوح وهود وصالح ولوط، ليكون ذلك الكتاب مصدر إشعاع للحياة وأنوارا للقلوب، يميز به بين الحق والباطل، وهداية من الضلال والعمى، ورحمة لمن آمن به، وإرشادا إلى العمل الصالح، لعل الناس يتذكرون به ويتعظون، ويهتدون بسببه.
روى ابن جرير وابن أبي حاتم والبزار عن أبي سعيد الخدري مرفوعا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم قال:«ما أهلك الله قوما بعذاب من السماء ولا من الأرض بعد ما أنزلت التوراة على وجه الأرض غير أهل القرية الذين مسخوا قردة بعد موسى، ثم قرأ:{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى} الآية».
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يلي:
١ - نفي فرعون ألوهية الله عز وجل وادعاؤه الألوهية، قال ابن عباس:
كان بين قوله:{وَقالَ فِرْعَوْنُ: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي} وبين قوله: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى} أربعون سنة، وكذب عدو الله، بل علم أن له ثمّ ربّا هو خالقه وخالق قومه:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ؟ لَيَقُولُنَّ اللهُ}.
٢ - بناء أعلى صرح شامخ للصعود إلى الله ورؤيته، فخاب وضل وخسر.
٣ - تعاظم فرعون وجنوده عن الإيمان بموسى ظلما وعدوانا دون أن تكون