للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاملة لما بعدها (١). قال ابن عباس: إنه حق سوى الزكاة يصل به رحما، أو يقري به ضيفا، أو يحمل به كلاّ، أو يغني محروما. وقال ابن العربي: لأن السورة مكية، وفرضت الزكاة بالمدينة.

المناسبة:

بعد أن حكى الله تعالى حال الفجار الأشقياء الذين كذبوا بالبعث، وأنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وعبدوا مع الله إلها آخر من وثن أو صنم، أراد تعالى أن يبين حال المؤمنين الأتقياء وأوصافهم وجزاءهم في الآخرة.

التفسير والبيان:

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ، آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ} أي إن الذين اتقوا ربهم، وتجنبوا ما يعرضهم لعذاب الله، من التزام أوامره واجتناب نواهيه، هم يوم المعاد في بساتين فيها عيون جارية، قابلين قبول رضا لكل ما أعطاهم ربهم، راضين به، فرحين بعطائه وفضله، بخلاف ما يتعرض له أولئك الأشقياء من العذاب والنكال والحريق والأغلاق. فقوله: {آخِذِينَ} كما ذكر الزمخشري:

قابلين قبول راض، كما قال تعالى: {وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ} [التوبة ١٠٤/ ٩] أي يقبلها. وقيل: الأخذ بمعنى التملك، يقال: بكم أخذت هذا؟ كأنهم اشتروها بأنفسهم وأموالهم. وعلى كل: الأخذ في هذا المقام إشارة إلى كمال قبولهم للفيوض الإلهية، لما أسلفوا من حسن العبادة، ووفور الطاعة، ولهذا علله بقوله:

{إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ} أي، لأنهم كانوا في الدنيا محسنين في أعمالهم الصالحة، يراقبون الله فيها، كما قال تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيّامِ الْخالِيَةِ} [الحاقة ٢٤/ ٦٩].


(١) تفسير ابن كثير: ٢٣٥/ ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>