للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{عَسى رَبُّكُمْ} عسى من الله تدل على وجوب الوقوع، وذكر بصيغة الإطماع جريا على عادة الملوك، وإشعارا بأنه تفضل، وأن العبد ينبغي أن يكون بين خوف ورجاء. {وَيُدْخِلَكُمْ جَنّاتٍ} بساتين. {يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ} يوم ظرف متعلق ب‍ {يُدْخِلَكُمْ} و {لا يُخْزِي}:

لا يفضح. {بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} أمامهم، أي يسعى بهم نور الإيمان على الصراط‍. {يَقُولُونَ} كلام مستأنف جديد. {رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا} إلى الجنة، أما المنافقون فيطفأ نورهم. {وَاغْفِرْ لَنا} واسترنا يا ربنا.

{جاهِدِ الْكُفّارَ} بمختلف أنواع الأسلحة كالسيف وغيره. {وَالْمُنافِقِينَ} أي وجاهدهم باللسان والحجة، فالجهاد يكون تارة بالسيف، وتارة بالحجة والبرهان. {وَاغْلُظْ‍ عَلَيْهِمْ} اشتد عليهم بالانتهار والمقت والقتل بحق. {وَمَأْواهُمْ} مكان الإيواء والإقامة.

المناسبة:

بعد أن أمر الله نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة عما حدث من الزلات، وحذرهم من مخالفته ووعظهم وأدبهم وهددهم بالطلاق، أمر المؤمنين بطائفة من المواعظ‍ والنصائح، وأولها وقاية أنفسهم وأهليهم من النار بترك المعاصي وفعل الطاعات، ثم أخبر الكفار بما يقال لهم يوم دخولهم النار: لا عذر لكم، ثم أمر المؤمنين بالتوبة الخالصة النصوح من الخطايا والذنوب، وتوج جميع ذلك بالأمر بجهاد الكفار المعتدين، والمنافقين المتسترين، والمجاهدة قد تكون بالقتال، وقد تكون بالحجة والبرهان، ثم يكون جزاء الفريقين النار.

التفسير والبيان:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً، وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ} أي يا أيها الذين صدّقوا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، أدبوا أنفسكم وعلموها، واتخذوا لها وقاية من النار، وحافظوا عليها بفعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه، وعلّموا أهليكم وأمروهم بطاعة الله وانهوهم عن معاصيه، وانصحوهم وأدبوهم حتى لا تصيروا معهم إلى النار العظيمة الرهيبة التي تتوقد بالناس وبالحجارة، كما يتوقد غيرها بالحطب. قال قتادة: تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله، وأن تقوم

<<  <  ج: ص:  >  >>