للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والانحراف. {وَأَنْتُمْ شُهَداءُ} عالمون بأن الدين المرضي القيم دين الإسلام، كما في كتابكم. {وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ} من الكفر والتكذيب، وإنما يؤخركم إلى وقتكم، ليجازيكم.

سبب النزول:

أخرج ابن جرير الطبري عن زيد بن أسلم قال: مرّ شاس بن قيس اليهودي -وكان شيخا قد غبر في الجاهلية عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم-على نفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الأوس والخزرج في مجلس لهم يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم وصلاح ذات بينهم في الإسلام، بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة، فقال:

قد اجتمع ملأ بني قيلة (الأوس والخزرج) بهذه البلاد، لا والله، مالنا معهم إذا اجتمعوا بها من قرار.

فأمر شابا من اليهود كان معه، فقال: اعمد إليهم فاجلس معهم، ثم ذكّرهم يوم بعاث (١) وما كان فيه، وأنشدهم بعض ما كان تقاولوا فيه من الأشعار. وكان بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج.

ففعل، فتكم القوم عند ذلك، فتنازعوا وتفاخروا، حتى تواثب رجلان من الحيين: أوس بن قيظي أحد بني حارثة من الأوس، وجابر بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج، فتقاولا، وقال أحدهما لصاحبه:

إن شئت رددتها جذعا (٢) وغضب الفريقان جميعا وقالا: ارجعا، السلاح السلاح، موعدكم الظاهرة (٣)، وهي حرّة، فخرجوا إليها، فانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى


(١) أحد أيام الجاهلية التي وقع فيها حرب طاحنة بين الأوس والخزرج.
(٢) أي شابة فتية، يعنون الحرب.
(٣) وهي الحرة: وهي أرض مستوية بظاهر المدينة. والحرة: ذات حجارة سود.

<<  <  ج: ص:  >  >>