للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزول الآية (٢٣):

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ}: أخرج ابن المنذر وابن جرير عن سعيد بن جبير قال: كانت قريش تعبد الحجر حينا من الدهر، فإذا وجدوا ما هو أحسن منه، طرحوا الأول وعبدوا الآخر، فأنزل الله: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ} الآية، وقال مقاتل: نزلت في الحارث بن قيس السهمي أحد المستهزئين، لأنه كان يعبد ما تهواه نفسه.

نزول بقية الآية (٢٣):

{وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ..}. قال مقاتل: نزلت في أبي جهل، ذلك أنه طاف بالبيت ذات ليلة، ومعه الوليد بن المغيرة، فتحدثا في شأن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال أبو جهل: والله إني لأعلم أنه صادق، فقال له: مه، وما دلّك على ذلك؟ قال: يا أبا عبد شمس كنا نسمّيه في صباه الصادق الأمين، فلما تم عقله وكمل رشده نسمّيه الكذاب الخائن، والله إني لأعلم أنه صادق، قال: فما يمنعك أن تصدقه وتؤمن به؟ قال: تتحدث عني بنات قريش أني اتّبعت يتيم أبي طالب من أجل كسرة، واللاّت والعزّى إن اتبعته أبدا، فنزلت: {وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} (١).

المناسبة:

بعد بيان الفرق بين الظالمين الكافرين وبين المتقين في الولاية، بيّن الفرق بينهما من وجه آخر وهو الرحمة والثواب في الآخرة، ثم ذكر تعالى دليل التفاوت بين المحسنين والمسيئين وهو خلق الكون بالحق المقتضي للعدل، وجعل الجزاء منوطا بالكسب والعمل، ثم أخبر تعالى عن المسيء المتبع هواه بأنه موضع تعجب، وأنه لا سبيل إلى هدايته بعد هدايته الله تعالى.


(١) تفسير القرطبي: ١٧٠/ ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>