للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ} يا قريش {كِتاباً} يعني القرآن {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي فيه سمعتكم وصيتكم، لقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف ٤٤/ ٤٣] أو فيه موعظتكم {أَفَلا تَعْقِلُونَ} تتدبرون ما فيه من المواعظ‍ والعبر، فتؤمنوا به.

المناسبة:

هذه الآيات جواب لقول كفار قريش: {هَلْ هذا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} وهو أن سنة الله تعالى في الرسل قبل محمد صلّى الله عليه وسلم إرسال رجال من البشر أنبياء، فلا يكون الرسول إلا بشرا، خلافا لما ينكرون، فلا يصح اعتراضهم في كون محمد بشرا.

التفسير والبيان:

يرد الله تعالى على من أنكر بعثة الرسل من البشر بقوله: {وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ..}. أي إن جميع الرسل الذين تقدموا كانوا رجالا من البشر، ولم يكن فيهم أحد من الملائكة، كما قال تعالى في آية أخرى: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى} [يوسف ١٠٩/ ١٢] وقوله سبحانه: {قُلْ:}

{ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف ٩/ ٤٦] وقوله حكاية عمن تقدم من الأمم الذين قالوا: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا}؟ [التغابن ٦/ ٦٤].

{فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} أي إن كنتم في شك من كون جميع الرسل بشرا، فاسألوا أهل العلم من الأمم كاليهود والنصارى وسائر الطوائف: هل كان الرسل الذين أتوهم بشرا أو ملائكة؟ فالله يأمرهم أن يسألوا علماء الكتب السابقة عن حال الرسل المتقدمة، لتزول عنهم الشبهة، وليعلموا أن رسل الله الموحى إليهم كانوا بشرا، ولم يكونوا ملائكة كما اعتقدوا.

وإنما أحالهم على أولئك؛ لأن المشركين كانوا يشاورونهم في أمر النبي صلّى الله عليه وسلم، ويثقون بقولهم، ويلتقون معهم في معاداته؛ قال الله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>