صرح القرآن الكريم بعلة مشروعية القتال، وهي فتنة المسلمين عن دينهم، فقال:{وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ}[البقرة ٢١٧/ ٢] وكان المشركون يفتنون المسلمين عن دينهم بإلقاء الشبهات أو بتعذيبهم، كما فعلوا بعمار بن ياسر وأسرته، وبلال، وخبّاب بن الأرت وصهيب وغيرهم، فقد عذبوا عمارا بكيّ النار ليرجع عن دينه،
وكان النّبي صلّى الله عليه وسلّم يمر به، فيرى أثر النار به كالبرص، وعذبوا أباه وأخاه وأمه، عن أم هانئ قالت: إن عمار بن ياسر وأباه وأخاه عبد الله، وسميّة أمه كانوا يعذبون في الله، فمرّ بهم النّبي صلّى الله عليه وسلّم فقال:«صبرا آل ياسر، صبرا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة».
مات ياسر في العذاب، وأعطيت سمية أم عمار لأبي جهل يعذبها-وكانت مولاة لعمه أبي حذيفة بن المغيرة-فعذبها عذابا شديدا رجاء أن تفتن في دينها، فلم تجبه لما يسأل، ثم طعنها في فرجها بحربة فماتت رضي الله عنها، وكانت عجوزا كبيرة.
وكان أمية بن خلف يعذب بلالا ليفتنه عن دينه، فكان يجيعه ويعطشه ليلة ويوما، ثم يطرحه على ظهره في الرمضاء (الرمل المحمى بحرارة الشمس) ويضع على ظهره صخرة عظيمة، ويقول له: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزّى، فيأبى ذلك، وتهون عليه نفسه في سبيل الله عز وجل، وكانوا يعطونه للولدان، فيربطونه بحبل ويطوفون به في شعاب مكة، وهو يقول:«أحد، أحد».
وعذب خباب رضي الله عنه بإلقاء النار على ظهره.
بل إنهم آذوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فوضعوا سلا الجزور (كرش البعير المملوء بالفرث) على ظهره، وهو يصلي عند الكعبة، حتى نحّته فاطمة