وأمرهم بتقوى الله عز وجل وهي امتثال أمره واجتناب نهيه، وحذرهم من إطاعة أمر كبرائهم ورؤسائهم الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
فاتهموه بأنه مسحور لا عقل له، ونفوا عنه الرسالة؛ لأنه بشر مثلهم فكيف يوحى إليه دونهم، ويكون نبيا غيرهم؟ ثم طالبوه بالإتيان بمعجزة حسية تدل على صدقه، فأيده الله بالناقة العظيمة التي لا مثيل لها، فكانت تشرب ماء نهير صغير كله في يوم، ثم تدرّ لهم الحليب، فيحلبون منها ما شاؤوا في اليوم التالي.
ولكن أبطرتهم النعمة، وأساؤوا إلى أنفسهم، وتواطؤوا على عقرها، حبّا في الإساءة ذاتها، فعقرها رجل منهم اسمه «قدار» ثم ندموا على عقرها لما أيقنوا بالعذاب، ولكن لم ينفعهم الندم عند معاينة العذاب، كما قال تعالى:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ: إِنِّي تُبْتُ الْآنَ..}. [النساء ١٨/ ٤] فأهلكهم الله بالزلزلة والصيحة بسوء فعلهم وقبح كفرهم.