يَهْدُونَنا} وإنكار البعث:{أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} وأبان عقوبتهم في الدنيا وما أعدّ لهم من العذاب في الآخرة، وأثبت أن البعث حق كائن لا ريب فيه، وأن كل إنسان سيجازى بما فعل يوم القيامة.
التفسير والبيان:
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ، فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} أي ألم يبلغكم يا كفار مكة خبر كفار الأمم الماضية، كقوم نوح وعاد وثمود، وما حل بهم من العذاب والنكال بسبب مخالفة الرسل والتكذيب بالحق، فقد دعتهم رسلهم إلى توحيد الله وعبادته وترك الأوثان التي اتخذوها أربابا من دون الله، فأصابهم عاقبة كفرهم وتكذيبهم ورديء أفعالهم من عذاب الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب مؤلم جدا وهو عذاب النار. وهذا تعجيب من حالهم الغريبة.
ثم بيّن الله تعالى أسباب عقابهم الدنيوي والأخروي، فقال:
{ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ، فَقالُوا: أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا؟ فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا، وَاسْتَغْنَى اللهُ، وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} أي ذلك العذاب في الدارين بسبب أنه كانت تجيئهم الرسل المرسلة إليهم بالمعجزات الظاهرة، والأدلة والبراهين الواضحة، فقال كل قوم لرسولهم: كيف يتصور أن يهدينا البشر، أو من كان من جنس البشر؟ أي إنهم استبعدوا أن تكون الرسالة في البشر، وأن يكون هداهم على يدي البشر مثلهم، فكفروا بالرسل وما جاؤوا به، وأعرضوا عنهم وعن الحق وعن العمل به، ولم يتدبروا فيما جاؤوا به، واستغنى الله عن إيمانهم وعبادتهم، إذ أهلكهم، والله غير محتاج إلى العالم ولا إلى عبادتهم له، محمود من كل مخلوقاته بلسان المقال أو الحال.