ثم أخبر الله تعالى عن الكفار والمشركين والملحدين أنهم يزعمون أنهم لا يبعثون، فقال:
{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} أي ادعى المشركين أنه لا بعث ولا حساب ولا جزاء، كما قال في آية أخرى:{أَإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً وَعِظاماً، أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ}[المؤمنون ٨٢/ ٢٣]. وفي هذا تقريع لكفار مكة، لأن الزعم ادعاء العلم مع ظهور أمارات خلافه. جاء في الحديث:«زعموا: مطية الكذب».
فرد الله عليهم بقوله:
{قُلْ: بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ، وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} أي قل أيها الرسول لهم وأخبرهم بأنكم والله ستبعثون وتخرجون من قبوركم أحياء، ولتخبرنّ بجميع أعمالكم جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، إقامة للحجة عليكم، ثم تجزون به، وذلك البعث والجزاء هيّن سهل على الله تعالى، لا يصرفه صارف. وقوله:{بَلى} إثبات لما بعد {أَنْ} وهو البعث.
وهذه هي الآية الثالثة التي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربه عز وجل على وقوع المعاد ووجوده، الأولى منها قوله تعالى:{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ:}
{إِي وَرَبِّي، إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ}[يونس ٥٣/ ١٠] والثانية منها قوله سبحانه: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: لا تَأْتِينَا السّاعَةُ، قُلْ: بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}[سبأ ٣/ ٣٤] والثالثة هذه الآية.