للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصارى، ومنهم من أثبت معبودا غير الله جمادا، ليس بحي ولا عاقل ولا فاهم، وهم عبدة الأوثان.

والفريقان وإن اشتركا في الضلال، إلا أن ضلال الفريق الثاني أعظم، فلما بين تعالى ضلال الفريق الأول، تكلم في ضلال الفريق الثاني، وهم عبدة الأوثان.

التفسير والبيان:

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا} هذا عطف على قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ} الذي هو عطف على قوله: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيّا} أي واذكر أيها الرسول إبراهيم الصدّيق النبي، خليل الرحمن، أبا الأنبياء، واتل خبره على الناس في الكتاب المنزل عليك، فهو بالحجارة، وفي ذلك إيناس للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عما يلقاه من أذى قومه، وغلظة عمه أبي لهب، وفظاظة أبي جهل.

{إِذْ قالَ لِأَبِيهِ: يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ، وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} اذكر إبراهيم حين قال بلطف وعقل واع وبرهان قاطع لأبيه آزر:

يا أبت، لم تعبد ما لا يسمع دعاءك إياه، ولا يبصر ما تفعله من عبادته، ولا يجلب لك نفعا، ولا يدفع عنك ضررا، وهي الأصنام الجمادات.

{يا أَبَتِ، إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ، فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا} أي يا أبي، وإن كنت من صلبك، وتراني أصغر منك؛ لأني ولدك، فاعلم أني قد اطلعت من العلم من الله، على ما لم تعلمه أنت ولا اطلعت عليه ولا جاءك، فاتبعني في دعوتي أرشدك طريقا سويا مستقيما موصلا إلى نيل المطلوب، منجيا من كل مرهوب ومكروه.

<<  <  ج: ص:  >  >>