قال المفسرون: إن المشركين قالوا: أترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه، ويقول اليوم قولا ويرجع عنه غدا، ما في هذا القرآن إلا كلام محمد، يقوله من تلقاء نفسه، وهو كلام يناقض بعضه بعضا، مثل تغيير حد الزاني بالتعيير باللسان:{فَآذُوهُما} والزانية بالإمساك في البيوت: {فَأَمْسِكُوهُنَّ..}. إلى الجلد، فأنزل الله:{وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ} الآية [النحل ١٠١/ ١٦] وأنزل أيضا: {ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها}[البقرة ١٠٦/ ٢].
سبب نزول الآية (١٠٧):
قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي كعب ورهط من قريش، قالوا: يا محمد اجعل لنا الصفا ذهبا، ووسع لنا أرض مكة، وفجّر الأنهار خلالها تفجيرا نؤمن بك، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال المفسرون: إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فمن قائل يقول: يأتينا بكتاب من السماء جملة، كما أتى موسى بالتوراة، ومن قائل يقول: وهو عبد الله بن أبي أمية المخزومي: ائتني بكتاب من السماء، فيه من رب العالمين: إلى ابن أبي أمية، اعلم أني قد أرسلت محمدا إلى الناس، ومن قائل يقول: لن نؤمن لك، أو تأتي بالله والملائكة قبيلا، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: رافع بن حزيمة ووهب بن زيد لرسول الله: يا محمد، ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء، نقرؤه، أو فجّر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك، فأنزل الله في ذلك:{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ} إلى قوله: {سَواءَ السَّبِيلِ}.