آخرة، وما نحن بمبعوثين، أي ما هذه إلا الحياة الدنيا، ثم لا معاد بعدها.
وهؤلاء هم الماديون الملحدون الذين لا يؤمنون بالغيب.
فقه الحياة أو الأحكام:
الحقائق الإيمانية لا تتغير ولا تتبدل، ولا بد من حدوثها؛ فإن وعد الله حق، والجنة حق، والنار حق، وسرعان ما تنكشف هذه الحقائق، ويفتضح الكفر والكفار، وينالون عذاب النار، فلو تراهم يعذبون في جهنم لرأيت أسوا حال، أو لرأيت منظرا رهيبا هائلا، أو لرأيت أمرا عجبا.
ولا يجدون مناصا أو مفردا من عذاب الله، ويتخبطون، ويتأملون، ويتمنون العودة إلى دار الدنيا لتصحيح العقيدة وإصلاح العمل، وترك التكذيب بآيات الله الدالة على وجوده ووحدانيته، وصدق رسله، ليكونوا مع صف المؤمنين في الدنيا، وفي حال أحسن من حالهم في الآخرة، في جنان الله وروضاته. ولكنهم يتمنون هذا الشيء ضجرا وقلقا، مع علمهم باليأس من العودة، لا أنهم عازمون على أنهم لو ردّوا لما كذبوا ولآمنوا، فإنهم ما طلبوا العود إلى الدنيا رغبة ومحبة في الإيمان، بل خوفا من العذاب الذي عاينوه، جزاء على ما كانوا عليه من الكفر، فسألوا الرجعة إلى الدنيا ليتخلصوا من النار.
وهم أمام العذاب وفي وسط النار يظهر لهم حقيقة ما كانوا يخفونه من الكفر والمعاصي، ولو ردّوا لصاروا ورجعوا إلى ما نهوا عنه من الشرك؛ لعلم الله تعالى فيهم أنهم لا يؤمنون، وقد عاين إبليس رأس الكفر ما عاين من آيات الله ثم عاند.
ودل قوله تعالى:{وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} على الحال التي كانوا عليها في الدنيا من تكذيبهم الرسل، وإنكارهم البعث، كما دل على كذبهم فيما أخبروا به عن أنفسهم من أنهم لا يكذبون، ويكونون من المؤمنين.